إحتفال يناير وعلاقته بشيشناق

شيشناق ونّاير ……. بين التّاريخ والأسطورة
مقال مفصل سنبرز فيه باختصار كل ما يتعلق بعلاقة الفرعون شيشناق ب ” نّاير ” …. سنحاول كذلك الإجابة على كل الأسئلة التي تتداول حول قصة شيشناق … أتمنى أن يتبنى مثقفوا بلدنا موقفا مفصلا و واضحا حول الموضوع
عندما اقترح الباحث عمّار نقّادي (رحمه الله) أول رزنامة أمازيغية سنة 1980م، إقترح (اصطلاحا فقط) أن تكون بداية التقويم الأمازيغي (سنة 0 ) عام 950 قبل الميلاد ، الذي تزامن مع اعتلاء الملك شيشناق عرش مصر ، فمن هو هذا الملك ، و ما هي قصته ؟؟
شيشناق
ينحدر شيشناق من أسرة ليبية (أمازيغية) تنتمي لقبيلة مشاواش التي سكنت دلتا النيل أواخر القرن 11 قبل الميلاد (1100 ق.م) ، وأصبح أبناؤها مع مرور السنين أصحاب نفوذ في الدولة الفرعونية ، إلى أن اعتلى شيشناق العرش سنة 942 ق.م حسب آخر الأبحاث ، بصفته قائد جيوش الفرعون بسوسنّس الثاني الذي توفي دون وريث ،
إذن شيشناق أصبح فرعونا بصفة سلمية دون أيّ حرب ( و ليس كما يروّج له البعض أنه غزا أرض مصر ) ، قيل كذلك أنه كان زوج ابنة الفرعون ، و من المنطقي أن تكون عائلة شيشناق تبنت اللغة القبطية و العادات و التقاليد المصرية بحكم مكوثها ل 1100 سنة في مصر
إسمه الفرعوني Sheshonq ، وذكر في التوراة باسم Sesaq أو Shishak لمّا قام باحتلال أرض الكنعانيين (فلسطين حاليا) مرورا بغزة ، وصولا إلى القدس سنة 925 قبل الميلاد ، وتذكر التوراة أنّه أخذ كنوز هيكل سليمان عليه السلام ، توفي شيشناق سنة 922 ق.م (آخر الأبحاث) وتناوب أحفاده ( الأسرة الفرعونية رقم 22 ) على عرش مصر حتى سنة 715 ق.م
الإصطلاح
إختار الباحث عمّار نقّادي (رحمه الله) اعتلاء الملك شيشناق عرش مصر كبداية للتقويم الأمازيغي بصفة رمزيّة فقط ، لأنّه أوّل ذكر لملك أمازيغي في الكتب التاريخية ( التوراة ) من جهة ، لأنه كان حدثا هاما آنذاك ، حدث أجمع عليه المؤرخون ، ولأنّه يوافق الأساطير الشعبية من جهة أخرى ، وكما تعلمون كل رزنامة تحتاج إلى مرجع ، أو سنة 0 إصطلاحية ، مثل ميلاد المسيح عليه السلام في السنة الميلادية ، و هجرة الحبيب صلى الله عليه و سلم قي السنة الهجرية
يناير في التراث الجزائري
يروي أجدادنا في العديد من المناطق : في أوراس ( يسمون يوم نّاير : أس ن فرعون = يوم فرعون ) , بجبال الظهرة (آث مناصر) أين يسمون ليلة نّاير : إيظ ن فرعون ( ليلة فرعون ) ، عند آث سنوس و آث بوسعيد بجبال تلمسان ، عند الطوارق الذين يروون أن أجدادهم هزموا الفراعنة …. إلخ
أنهم يحتفلون بنّاير تخليدا لذكرى انتصار الأمازيغ على فرعون ، واستلهم عمّار نقادي من هذه الأسطورة لوضع اعتلاء شيشناق عرش مصر كمرجع للتقويم الأمازيغي، اصطلاحا فقط ، لأن في زمن شيشناق لم يكن هناك لا شهر جانفي ولا فيفري و لا مارس ، ولا يوجد أي دليل واضح يثبت أنّ فرعون أساطير أجدادنا هو شيشناق نفسه ………..،
وقد يكون نّاير أقدم من شيشناق بكثيييييير لأن نّاير مرتبط بالفلاحة ، و أجدادنا يمارسون الفلاحة منذ 5000 سنة على الأقل !!
خلاصة القول
إذن نستنتج أن ناير ما هو إلا معلم للسنة الفلاحية الأمازيغية التي قد تكون أساس التقويم اليولياني الروماني ، وتشبث الأمازيغ عبر القرون للإحتفال به دليل على تمسكهم بثقافة أجدادهم وحبهم للأرض التي ينتمون إليها ،
أما قصة اعتلاء الملك شيشناق عرش مصر ، فما هي إلا اصطلاح لإعطاء الرزنامة الأمازيغية الشعبية قيمة رسمية ، تماما مثلما اصطلح المسلمون في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على جعل عام هجرة الحبيب صلى الله عليه و سلم بداية للتقويم الهجري ، و تماما مثلما اصطلح النصارى على أن يكون ميلاد المسيح عيسى عليه السلام بداية للتقويم الميلادي
وقد تكون أسطورة فرعون المتعلّقة بنّاير ، مستلهمة من ذكرى عاشوراء ، لأنّها اليوم الذي نجّا فيه الله سبحانه و تعالى موسى عليه السلام من فرعون ، و لأنها تقع 10 أيام بعد بداية السنة الهجرية ، تماما مثل ناير الذي يأتي موسمه حوالي 10 أيام بعد بداية السنة الميلادية ……. يوم عاشوراء الذي يحتفل به كل الأمازيغ دون سواهم من المسلمين ، يوم يقيم فيه التوارق إحتفال ” سبايبا ” الذي صنّف كتراث عالمي لليونسكو !!
تراث يصنع فخرنا كأمازيغ ، تراث ألهم البشريّة الرزنامة التي تعتمدها اليوم كل دول العالم …….. تراث يجب أن نبني عليه وحدتنا كجزائريين ، لا أن نحاربه و نطمسه !! تراث يجب أن نواصل البحث فيه ، لا أن نستأصله و نربطه بالمعتقدات الوثنية …..
تراث يجب أن نقدمه للجميع بطريقة علمية أكاديمية ، بعيدا عن التزييف و الخطاب الشعبوي العنصري و المغالطات التاريخية …. كي نبني هويتنا و تصوراتنا على أسس صحيحة متينة ، لا على التزوير و الكذب ، الذي تنسفه أولى الرياح …….
حرر من طرف الدكتور معمر بوسنة