العقيد محمد يازوران المدعو سي السعيد فريروش

05 جانفي 1988
ذكرى وفاة العقيد (سي سعيد ابريروش) محند أمزيان إعزوران .
ولد البطل العقيد يازوران محمد في قرية ” اعجماض ” و من قبيلة ” اعزورن” يوم 18 مارس 1912 . و لقد اشتهر باسم “فريروش” و عرف خلال الثورة التحريرية باسم ” سي السعيد “.
عندما بلغ الثامنة من عمره أدخله والده مدرسة لتعلم الفرنسية لكن بعد المسافة و الطريق الشاق أدى به الى ترك مقاعد الدراسة و مساعدة أبيه في الزراعة و أمور البيت .
و في سنة 1933 تزوج العقيد محمد يازوران زواجه الأول و عاش معها حتى اندلعت الثورة و أنجبا ثلاثة ذكور هم سعيد و محمد و مولود و بنتا واحدة هي فاطمة و كلهم على قيد الحياة الا سعيدا فانه استشهد في الثورة.
و في سنة 1942 انظم في سلك الحركة الوطنية فوجد ميدانا فسيحا و مناخا ملائما لتفجير طاقاته و التعبير عن ارادته الثورية . كان أول من انتظم في حزب الشعب في المنطقة , و هو من الطلائع الرواد في منطقة القبائل كلها.و مع مضي الأيام أخذ يرتفع نجمه و يذيع صيته و يكتسب تقديرا خاصا من مختلف الأوساط المحبة للوطن بفضل انضباطه و أخلاقه و نضاله, و كان لا يفتأ يدعو أصدقاءه و معارفه الى الانخراط في حزب الشعب.
و ما ان حلت سنة 1945 حتى كان المنظمون فيه من أهل المنطقة لا يقلون عن الأربعين أبرزهم الشهداء علي عجموط و أشرقي و محمد وعلي المشهور باسم حوالي .
تقلب العقيد في أعمال مختلفة , فبعد أن كان في الزراعة و الفلاحة , انتقل الى الاشتغال في الغابة يقطع الخشب و يصنع الفحم , ثم في أوائل الخمسينيات اشترى شاحنة صغيرة مع أحد أصدقائه ينقل البضائع .و كان في كل أعماله مثالا للجد و النشاط و التسامح و موضع الثقة و التقدير و الاحترام من مختلف الطبقات الشعبية , و كان لتنقله بالشاحنة بين المدن أثر ايجابي كبير في التعرف على المناضلين و الاتصال بهم , كما ساعده ذلك على توزيع منشورات الحزب .
و كانت السلطات الفرنسية منذ انخراطه في الحزب سنة 1942 تعامله على أساس أنه العدو الأكبر لفرنسا في منطقة القبائل حيث كانت تراقبه و تكيد له المكائد و تضيق عليه الخناق الى أن اندلعت الثورة سنة 1954.
كان العقيد يثق فيه الوطنيين المتمردين عن فرنسا المستعمرة : أمثال كريم بلقاسم و عمر أوعمران و شريف ذبيح و غيرهم .حيث لما دقت الساعة , ساعة اول نوفمبر من سنة 1954 تلقى أمرا من القيادة بتفجير الثورة في لحظة صفر بمدينة عزازقة , حيث نجحت المهمة على أكمل وجه في الأماكن المعينة المحددة. و لكن في اليوم الموالي انقض رجال الدرك على دار المجاهد محمد يازوران بالقرية فعاثوا فيها فسادا و أهانوا زوجته شر اهانة , و لكنها كانت أثبت من الجبل و أقوى من أن تنال منها ضربة أو اهانة.
و توالت عمليات الجهاد في المنطقة و أخذت الثورة في اتساع و شمول و عمق , و كان للمجاهد محمد يازوران في كل مكان دوره الطلائعي المشكور …
في أكتوبر 1955 تسند قيادة عملية العصفور الأزرق الى البطل محمد يازوران لكفاءته الحربية و قدمه في النضال و إخلاصه المتميز للوطن و الثورة و لشهرته بكتمان السر.
و في أوائل سنة 1958 سافر العقيد الى تونس رفقة المجاهد المرحوم ” اغيل علي ارزقي”. و في الطريق قاسى و عان كثيرا حتى كاد أن يموت من شدة المرض ..و بعد عشرين يوما وصل الى تونس و أدخل المستشفى لمدة أسبوع للمعالجة.
و رغم الأعمال التي كان يمارسها بتونس فان قلبه بالجزائر, آلمه أن يظل بعيدا عن اخوانه المجاهدين و قد بدأوا الطريق معا , فحاول الدخول الى الجزائر سنة 1959 لكنه فشل و أوشك على الهلاك ..
و في شهر نوفمبر سنة 1959 ارتقى الى عقيد و بقي في تونس مكلفا بارسال المال و السلاح الى الولاية الثالثة حتى انتهت الثورة.
انتقل البطل المجاهد محمد يازوران الى رحمة الله يوم 05 جانفي 1988