الذكرى 187 لمجزرة قبيلة العوفية يوم 7 افريل 1832 …..
. كي لاننسى إحدى أفظع جرائم الإستعمار الفرنسي ، الذي اباد خلالها الآلاف من الجزائريين العزّل ، على مشارف الجزائر العاصمة، و أباد خلالها قبيلة العوفية إلى الأبد !!
بدأت الأحداث عندما قام الحاج أحمد باي، بإعلان الجهاد ضد المستعمر الفرنسي، فقام بعزل جملة من الآغات ، و هم إقطاعيون كانوا يحكمون المناطق الجزائرية ، منهم فرحات بن سعيد، آغا العرب بالصحراء ، وعين مكانه محمد بن ڨنّة، لم يقبل بن سعيد الأمر و قرر التحالف مع المستعمر للحفاظ على نفوذه … فبعث قافلة من الهدايا إلى الجنرال دوق روفيڨو القائد العام للجيش الفرنسي ( المجرم السّفاح الذي سميت باسمه مدينة بوقرة، والذي حوّل مسجد كتشاوة الى كنيسة) ، إستقبل روفيغو القافلة و أعطى أفرادها هدايا كثيرة ليعودوا بها إلى بن سعيد ، لكن في طريق العودة ، بين الحراش و بقالم (مفتاح) ، هاجمت قبيلة العوفية القافلة و نهبتها (حسب افتراءات الفرنسيين) ، يوم 5 افريل 1832…… العوفية هي قبيلة من البدو الرحل كانت تقيم بالمنطقة المتواجدة حاليا بين مفتاح و الحراش ، شرق واد السمار ، بين قبائل عرش خشنة التاريخي …. يقول البعض أنهم ينحدرون من عرش أولاد نايل ( قبيلة أولاد عيفة ) ، إعتادوا على الترحال نحو متيجة الشرقية منذ قرون و اختلطوا بأهلها ….. كانت قبيلة العوفية كثيرة العدد ، معروفة بقوة فرسانها و قطعان ماشيتها الكبيرة …..
قرر المجرم روفيڨو معاقبة القبيلة (في الحقيقة اتخذ الحادث ذريعة لتقتيل الجزائريين و بث الذعر بينهم)، فأرسل جيشا من 800 عسكري بقيادة صهره فودواس لإبادة القبيلة ، وصل المجرمون فجر يوم 7 أفريل إلى بيوت و خيام العوفية (كان أغلبهم نياما) وقاموا بتقتيلهم ذبحا : رجالا ، نساءا و اطفالا ، نكّلوا بأجسادهم ، أخذوا حلي النساء بعد تقطيع أيديهن ، ولم ينج من المجزرة إلّا 4 اشخاص ، قيل أنّ أحدهم فر إلى البليدة ، وهو جد عائلة خشنة العريقة !!!
أما شيخ العوفية الربيع بن سيدي غانم ، فأسر و حوكم محاكمة صورية انتهت بقتله ، وعلق رأسه بباب عزون بالعاصمة ، حتي مواشي القبيلة لم تسلم من جشع الفرنسيين وبيعت لقنصلية الدانمارك !! جاء في الأرشيف الفرنسي أن عدد القتلى تراوح بين 60 و 100 شخص، لكن الباحثين الجزائريين يقولون أن العدد أكبر من ذلك بكثير …. مصطفى لشرف مثلا، يتحدث عن 12.000 قتيل …. رحمهم الله تعالى و أسكنهم فسيح جنانه
ظن الفرنسيون أن مجزرة العوفية ستبث الرعب في قلوب الجزائريين و تفشل مقاومتهم … إلا أنهم قرروا مواصلة المقاومة، بقيادة الحاج بن زعموم ، أحمد باي ، الأمير عبد القادر و قائديه البطلين بن علال و محند أو عيسى البركاني ، الحاج المقراني ، شريف بوبغلة ، لالا فاطمة ن سومر ، الشيخ أحداد ، الشيخ بوعمامة ، الشيخ أمود ، مالك البركاني ، بن ناصر بن شهرة ، بن بو لعيد و بن مهيدي و عميروش و سي لحواس و بونعامة و بوڨرة …….إلخ ، حتى طردوا المجرمين الفرنسيين بعد استشهاد الملايين من الأبطال دفاعا عن أرضنا الطاهرة ، التي سقوها بدمائهم الشريفة ….
صفحة سوداء في تاريخ فرنسا ، تجاهلتها المقررات المدرسية و دوائر الإعلام الرسمي و دراسات الأكاديميين للأسف …. جريمة في حق الإنسانية يجب أن تدّرس و تعلّم لجيل اليوم، كي يعرف أبناؤنا حقيقة المستعمر الحقير ….. كي لا ننسى !!
رحم الله أبطالنا و أسكنهم فسيح جنانه، وإنا على نهجهم سائرون …. في سبيل خدمة أرض أجدادنا المباركة …. حبّ وطننا الذي لا يكتمل في تقديري إلا بنبذ و مقت المستعمر الفرنسي و رموزه و فكره ، كما قالها يوما شيخنا و إمامنا عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى : لو طلبت مني فرنسا قول لا إله إلا الله ما قلتها …… و أتكلم هنا عن كره رموز المستعمر للحفاظ على شخصيتنا و هويتنا ، لكي نقدّر قيمة و مدى تضحيات أجدادنا …. لا كره الفرنسيين كأشخاص أو الفرنسية كلغة … لأنهم إخوتنا في البشرية كغيرهم من البشر ، ديننا و أعرافنا يأمرانا بالإحسان إليهم ما أحسنو إلينا ….
حفظ الله أرض الأجداد
حرر من طرف الباحث معمر أمين