18 فيفري ………. يوم الشهيد
الأطلس البليدي كان قلب الولاية الرابعة التاريخية ، قدّم أبناؤه جحافل الأبطال والشهداء، مئات الآلاف من الضحايا، وطردوا كلّهم من قراهم سنة 1957م في أبشع جرائم فرنسا بالجزائر !!
لكن التاريخ الرسمي والمُدَرَّس لم يحدّثنا :
-عن المعارك البطولية التي احتضنتها جبالنا : معارك إسبغان (آيث ميصرا) ، تاريحانت والشريعة (إث صالح) ، تيرشت و واد أبران ( غلاي ) ، تيبرڨنت (وزرة) , مسنّو والشعاوطية (آيث مسعود) ، تامزڨيدة وأهل الواد (موزاية) ، بوزڨزة (خشنة) ، بوالبان وملعب الكرة و جامع قرمود (بني موسى) …..إلخ
-عن أبطالنا الشهداء مثل سي زبير طيب سليمان، أسد غلّاي، وسي طيّب الجغلالي، بطل بني يعقوب، وسي موسى كلواز ومصطفى سيدي يخلف، والإخوة براكني و سي معمّر وبلقاسم الوزري وسي خالد عيسى الباي و كريتلي مختار و سي لخضر مقراني و سي حمدان ………….. إلخ
-أن عرش بني بو يعقوب البطل قدّم ثلث سكانه شهداء , أكثر من 3200 شهيد من أصل 10.000 يعقوبي، قسم من أحفادهم إلى اليوم لا يزالون يتدفّؤون بالحطب وقارورات الغاز!!!
– أن فريق إتحاد البليدة قدّم أكثر من 25 شهيد ، الفريق الذي كان رمز هويتنا، أول فريق جزائري اتخذ شعار الإسلام ……. أصبح اليوم أنصاره يلقّبون ب ” السالفادور” و كلّكم يعرف لماذا للأسف ……………!!
-لم يذكر أن الأغلبية الساحقة من جبايلية الأطلس البليدي، بعد طردهم من قراهم سنة 1957م، لا تزال تعيش في محتشدات الذل و الهوان إلى اليوم ، تسلب أراضيهم التي سلبها المستعمر الفرنسي ، ليس هناك أي إرادة لإعادة بناء قراهم الجبلية التي دمرها و قصفها المستعمر ، و أحرقت خلال العشرية السوداء …..
نبكي دما على اللاجئين الفلسطينيين و السوريين و العراقيين … ولا أحد يلتفت لآلاف الجزائريين الذين يعيشون إلى اليوم بعيدا عن أراضي أجدادهم …… جزائريون قدم آباؤهم و أجدادهم النفس و النفيس من أجل أرضنا ، و عشرات الآلاف من الشهداء …..
أغلبهم رفض رفضا تاما الحصول على بطاقة مجاهد أو منحة شهيد بعد الإستقلال ، لإيمانهم أن الجهاد كان في سبيل الله تعالى و من أجل الأرض و العرض ، و ليس لأكل أموال الناس بالباطل و نهب خيرات البلاد …. كما فعل العديد ممن لم يجاهد أصلا … و منهم من ولد أواخر الخمسينيات و حتى بعد الإستقلال …..
– أن الولاية الرابعة التاريخية ، هي المنطقة التي دفعت أغلى ثمن منذ سنة 1830 إلى يومنا هذا … مجازر العوفية و محرقات جبال الظهرة التي قتل فيها الفرنسيون عشرات الآلاف من المدنيين العزّل ….
معارك ثنية موزايا الثلاث و واد العلايق و سيدي يعقوب و كدية ميمش و مشدوفة و البليدة التي كانت خلال مقاومات الأمير عبد القادر و بن زعموم دفعنا فيها عشرات الآلاف من الشهداء … مقاومة بني مناصر الخالدة لا يذكرها أحد …. مقاومة بومزراق …. إنتفاضة أسود ريغة بجبال زكار …. عرش حجوط الذي أباده الفرنسيون عن بكرة أبيه ….. جماجم أبطالنا البركاني و بن علال لا تزال في متاحف فرنسا ……..
أكبر مقبرتين للشهداء في الجزائر هما مقبرتا باب البكوش في وارسنيس ، و بيسة بجبال الظهرة …. فيهما آلاف الشهداء …. لا يعرفهما أحد ….. قرانا قصفها المستعمر و هجر أجدادنا منها ….
بعد الإستقلال عانينا التهميش و الإقصاء ، سلبت أراضينا باسم تأميم الأراضي و الثورة الزراعية ، و التنازل عن أملاك الدولة ……. غيّرت البنية الديمغرافية لمجتمعنا …. حاول أبطالنا تغيير الأوضاع مع إخوتنا من الولاية الثالثة و حمل أجدادنا السلاح أواسط الستينات ، لكن تدخل الحكماء و العقلاء أخمد نار الفتنة التي كادت ان تعصف بالبلاد …..
ثم جاءت العشرية السوداء التي دفعنا خلالها ثمنا باهضا جدا …. من جبال الظهرة إلى جبال زبربر ، مرورا بتيطري و وارسنيس و باقي الأطلس البليدي و متيجة …… رغم كل ذلك قاوم آباؤنا و أمهاتنا التطرف و الرعب و وقفوا شامخين من أجل أن تحيا الجزائر ….
و هم اليوم يعودون إلى أراضي أجدادهم رغم كل شيء …. رغم العزلة و المسالك المهترئة و القرى المدمرة … و رغم الحرائق الإجرامية الممنهجة التي دمرت أغلب غاباتنا و قرانا و لم تنجوا منها حتى المقابر في الجبال و البساتين …..
نترحم على أرواح كل شهداء جزائرنا الحبيبة عبر القرون، نحتسبحهم عند الله من أهل فردوسه الأعلى ، وندعوا الله أن يحفظ بلدنا وأن يثبتنا على خطى أجدادنا، الجزائر ستعيش ما دامت دماء الأسود تجري في عروقنا ………….. و الآن و أكثر من أي وقت مضى سنناضل من أجل الحفاظ على ذاكرتنا و هويتنا و ديننا و قيم و أعراف أجدادنا ، و أمن و استقرار بلدنا ، بلد أرضه مسقية بدماء آبائنا و أجدادنا …..
حفظ الله أرضنا الغالية
حرر من طرف الباحث معمر أمين